الموت المخبّأ في لوحة الرسام هانز من القرن 16
لوحة ” السفراء ” أو (The Ambassadors) رسمها الفنان ذو الأصول الألمانية “هانز هولباين الأصغر”، اللوحة تعطي انطباع عند رؤيتها للحظة الأولى بأنها مجرد صورة فوتوغرافية لشخصيتين من القرن ال 16، صممت اللوحة الزيتية بأبعاد ضخمة على خشب البلوط ومعروضة في المتحف الوطني في لندن منذ عام 1980، هذا ماذكره موقع “الجزيرة”.
من هو “هانز هولباين الأصغر” ؟
“هانز” رسام ألماني الأصل كاثوليكي، كان في زمانه رسام ملك إنجلترا الثامن الرسمي، وأبدع في رسم مايقارب أكثر من 100 لوحة تميزت بتعابير دقيقة للشخصيات الرئيسية المرسومة.
ولكن لوحة “السفراء” كانت لوحة متفردة في الإبداع من بين جميع لوحاته، ويكمن هذا التفرّد في سر اللوحة حيث لا يمكن رؤيتها بالشكل الصحيح إلا من زاوية معينة.
تفاصيل تأخذ لأبعاد واسعة
عاش “هانز ” في إنجلترا وقضى حياة فنية فيها دفعته لرسم لوحة “السفير”، رغم البساطة في اللوحة التي تظهر للوهلة الأولى،والتي هي عبارة عن بورتريه لشخصين بحجم حقيقي تقريباً، لكنها غاية في التعقيد وأكثر من ذلك ففي إحدى زوايا اللوحة اختبأ موت سري.

قام المؤرخون بتفحص اللوحة عام 1533، وتم وضع اللوحة في المعرض الوطني في لندن “National Gallery”.
جورج وسوف على كرسي متحرك في آخر ظهور
الأحداث السياسية تنعكس في فن “هانز”
• عام 1533 رسم ” هانز الأصغر” لوحة ” السفير” وهو العام ذاته الذي دار فيه شجار بين الكنيسة الكاثوليكية والملك هنري الثاني بعد أن رفضت الكنيسة أمر طلاقه من زوجته الأولى.
• أعلن بعدها الملك هنري زواجه من “آن بولين”، رغم خلافات الانفصال مع الملكة إليزابيث الأولى.
• بعد مضي عام من الزمن، نصّب هنري نفسه على رأس كنيسة إنجلترا وأعلن الانفصال عن روما، وهذا مادفع الكثيرين للاعتقاد بأن “آن بولين” سحرت الملك هنري ودفعته لإعلان الانقسام.
• عرف هانز قبل وصوله القصر برسم اللوحات الدينية في ألمانيا.
• انتشر في عصر النهضة فن البورتريه العلماني، وهذا عند وصول هولباين انجلترا .
• فتح انفصال الملك هنري عن الكنيسة أبواب الإصلاح الفكري والإنساني وتم التوصل لمستويات عديدة،حسب ماذكر موقع “بيج ثينك” (Big Think) الثقافي.
تفاصيل لوحة “السفراء”
جانب اللوحة الأيسر
جسدت هذه اللوحة السفير الفرنسي لدى إنجلترا “جان دي دينتفيل” الذي طلب رسم هذه اللوحة ليضعها في قصره.
ظهر السفير فيها منتفخ، مرتدياً معطف فرو من الحرير والمخمل والوشق على جهة اليسار، وتم رسم اللوحة بأبعاد ضخمة مظهرة أدق التفاصيل.

في عام 1533 أرسل “جان” رسالة لأسرته وجاء فيها : “”لقد كنت، وما زلت، مرهقاً جداً.. أنا السفير الأكثر حزناً وتعباً في العالم”، وهذا حسب ماذكره موقع “أرتستور” (Artstor) للفن.
جانب اللوحة الأيمن
ظهر في جانب اللوحة الأيمن رجل الدين والدبلوماسي بإنجلترا “جورج دي سيلف”، مرتدياً ثياباً بسيطة.
“دي سيلف” حاول مراراً وتكراراً إيقاف تيار الإصلاح اللوثري والعمل على توحيد الكنيسة الكاثوليكية.
أظهرت اللوحة السفيران وهما يشهدان أحداث عصرهما دون القدرة منهما على التأثير بأي شكل كان.
أسفل اللوحة والموت المخبأ
برز في عصر النهضة قوة الإنسان وأهميته، وكان كل عنصر في اللوحة يعطي شرحاً ملخصاً للإنسانية الحديثة والموت.
وبعد التفحص والدراسة للوحة “السفير” ظهر سرّ اللوحة في أسفلها، سرّ الموت المخبأ.
تفسير الجمجمة في لوحة “السفير”
برز الفن الكنسي في لوحات ” هانز الأصغر” الذي مارسه في موطنه ألمانيا.
أما عن الجمجمة المرعبة التي ظهرت في طرف اللوحة السفلي فكانت رمز للموت وحتميته وتأكيداً بأن الموت متربص بالحياة.
وضعت الجمجمة المرعبة بين شخصين أحدهما سفير والآخر رجل دين وهما يرتديان ملابس مرتبة كرمز لمراتب الحياة الراقية.
ذكر موقع “أرتسي” (Artsy) للفن، أن “دينتيفل ” السفير الفرنسي الذي طلب رسم تلك اللوحة هو نفسه كان معجباً بالرمز اللاتيني للموت ويدعى”تذكر أنك ستموت” (Memento Mori).

الجمجمة لم تكن بارزة بل لن تتمكن من رؤيتها بوضوح إلا من زاوية معينة، وبهذا فقد كان هناك إشارة إلى أن الموت مركز العالم، وذلك أن الجمجمة تغطي الدائرة الوسطى على غرار الأرضية تحت السفيرين.
هذه الخدعة البصرية التي تجسدت في اللوحة تجعل المشاهد يسأل نفسه عن مكانه الحقيقي في العالم.
رمز المسيح في لوحة السفير
ظهر رمز للمسيح وراء الستارة الخضراء في الزاوية العلوية اليسرى واعتقد الباحثون أن مايرمي إليه “هانز الأصغر” تلميح للحياة الآخرة، بينما اعتقد أخرون أن هذا النقش تمثيل لانقسام الكنيسة.
من دافنشي إلى بيكاسو.. 6 رسائل سرية مخبأة في لوحات عالمية
متابعة: ليليان ديوب